أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 24 مايو : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024 م بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 16 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 24 مايو 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره.

 

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، بصيغة word أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024 م بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) الحجُّ يذكرُكَ بالآخرةِ.

(2) تصحيحُ النيةِ.

(3) تحرِّي الحلالَ في المأكلِ والمشربِ ومصاريفِ الحجِّ.

(4) ردُّ المظالمِ إلى أهلِهَا.

(5) العزمُ على التوبةِ الصادقةِ.

(6) يؤدِّي حقَّ عيالِهِ وأهلِهِ عليهِ.

(7) معرفةُ أحكامِ الحجِّ.

(8) الأخذُ بالأولوياتِ خاصةً فيمَا يتعلقُ بحاجةِ الفقراءِ والمحتاجين.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024 م بعنوان : ما علي الحاج قبل سفره ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

«ما علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ»

بتاريخ 15 ذو القعدة 1445 هـ = الموافق 24 مايو 2024 م

 

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 24 مايو : ما علي الحاج قبل سفره

الحجُّ يذكرُكَ بالآخرةِ: أيُّهَا الأخوةُ الأحباب:

إنَّ رحلةَ الحجِّ تذكرُ الإنسانَ باليومِ الآخرِ بدءً بالتجردِ مِن المخيطِ، وارتداءِ ثيابِ الإحرامِ التي تشبهُ أكفانَ الموتَى وقبلَ ذلك سفرِهِ عن الأوطانِ، ووداعِهِ لأهلِهِ وأقاربِهِ، وذلك يذكرُهُ بسفرهِ الأخيرِ إلى دارِ الآخرةِ، ولذا الإنسانُ ينبغِي أنْ يتذكرَ بزحمةِ الطوافِ والسعيِ والرميِ ذلك الزحامَ الرهيبَ يومَ الحشرِ يومَ يقومُ الناسُ لربِّ العالمين، يومَ يجمعُ اللهُ الأولينَ والآخرينَ في صعيدٍ واحدِ، يتذكرُ بحرارةِ الشمسِ في مكةَ يومَ تدنُو الشمسُ مِن العبادِ قدرَ ميلٍ و يتذكرُ بالتعبِ والضنكِ والعرقِ المتصببِ مِن جسدِهِ وأجسادِ الناسِ مِن حولِهِ ذلك اليومَ الرهيبَ والموقفَ المهولَ يومَ يبلغُ الناسُ في العرقِ مبلغًا عظيمًا، ولذا نرى أنَّ القرآنَ الكريمَ قد ختمَ الحديثَ عن مناسكِ الحجِّ في “سورةِ البقرة” بالتذكيرِ بحشدِ الحشرِ الأكبرِ والذي يتجلَّى في أروعِ صورِهِ يومَ عرفةَ فقالَ ربُّنَا: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ .

وفي الحجِّ يتحققُ معنَى المساواةِ بينَ الجميعِ حيثُ يجتمعُ المسلمونَ مِن كلِّ جنسٍ ولغةٍ ولونٍ ووطنٍ في صعيدٍ واحدٍ، لباسُهُم واحدٌ، وعملُهُم واحدٌ، ومكانُهُم واحدٌ، ووقتُهُم واحدٌ، وحدةٌ في المشاعرِ، ووحدةٌ في الشعائرِ، وحدةٌ في الهدفِ، ووحدةٌ في القولِ والعملِ، فالغنيُّ والفقيرُ، والملكُ والمملوكُ، الكلُّ يرتدِي لباسًا واحدًا لا خيطَ فيهِ، ولا ألوانَ مختلفةً لهُ، فلا يُعرَفُ فيهم عظيمٌ مِن حقيرٍ، الكلُّ أمامَ اللهِ سواسيةٌ، ومِن ثمَّ تتراجعُ هنَا كلُّ الموازينِ والمعاييرِ، ولا يبقَى إلَّا مقياسٌ واحدٌ: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ﴾ وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ»(أحمد)، وعلى هذا يتربَّى المترفونَ أنَّهُ مهمَا كثُرتْ أموالُهُم، ومهمَا ارتفعَ رصيدُهُم، فليسَ المالُ هو المقياسُ الحقيقيُّ للتفاضلِ والتفاخرِ بل تقوَى اللهِ وإخلاصُ العبادةِ لهُ هي المقياسُ، فمَا فاقَ بلالٌ الحبشيُّ وصهيبٌ الروميُّ وسلمانُ الفارسيُّ أبَا جهلٍ وأبَا لهبٍ بالنسبِ ولا بالمنصبِ بل بإيمانِهِم باللهِ وحدَهُ، فتأملْ وانتبهْ.

وقد بيَّنَ الإسلامُ الحنيفُ ما يجبُ على الحاجِّ قبلَ سفرِهِ حتى يكونَ مِمّن قُبِلَ حجُّهُ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» (مسلم)، وفيما يلِي إشارةٌ إلى ذلكَ بإيجازٍ:

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 24 مايو : ما علي الحاج قبل سفره

ثانيا: تصحيحُ النيةِ:

الحجُّ في مغزاهُ الأولِ ومعناهُ الأعظمِ تحريرُ القصدِ للهِ سبحانَهُ، إذ المسلمُ يخرجُ مِن بيتِهِ تاركًا أهلَهُ ووطنَهُ ومالَهُ يرجُو رحمةَ ربِّهِ، ويخشَى عذابَهُ، يجأرُ إلى اللهِ بالدعاءِ والتهليلِ، والذكرِ والشكرِ شعارُهُ: “لبَّيكَ اللهُمَّ لبَّيكَ، لبَّيكَ لا شريكَ لكَ لبَّيكَ، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك، لا شريكَ لك”، وبهذا تصيرُ نفسُهُ في حالةٍ مِن الشفافيةِ والنقاءِ والصفاءِ فعليهِ حينئذٍ أنْ يصححَ نيتَهُ، فعليها مدارُ قبولِ العملِ أو ردِّهِ، فعن عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (البخاري) .

يقولُ ابنُ حجرٍ: (أي كلُّ عملٍ بنيتِهِ كأنَّهُ أشارَ بذلك إلى أنَّ النيةَ تتنوعُ كمَا تتنوعُ الأعمالُ كمَن قصدَ بعملِهِ وجهَ اللهِ أو تحصيلَ موعودِهِ أو الاتقاءَ لوعيدِهِ، ووقع في معظمِ الرواياتِ بإفرادِ النيةِ،، ووجهُهُ أنَّ محلَّ النيةِ القلبُ وهو متحدٌ فناسبَ إفرادُهَا بخلافِ الأعمالِ فإنَّهَا متعلقةٌ بالظواهرِ وهي متعددةٌ فناسبَ جمعُهَا ولأنَّ النيةَ ترجعُ إلى الإخلاصِ وهو واحدٌ للواحدِ الذي لا شريكَ لهُ) أ.ه.

ولمَّا نظرَ عمرُ رضي اللهُ عنه إلى حجاجِ بيتِ اللهِ قال: «الركبُ كثيرٌ، والحاجُّ قليلٌ» والمعنى: أنَّ حجاجَ بيتِ اللهِ كثرٌ لكنَّ أصحابَ النيةِ الصحيحةِ قليلٌ، فمِن الناسِ مَن يذهبُ للحجِّ؛ ليحصلَ على هذا اللقبِ، فتجدهُ قبلَ الحجِّ قد رسمَ طائرةً على جدرانِ بيتِهِ وكتبَ على الجدرانِ: “حجٌّ مبرورٌ وذنبٌ مغفورٌ”، وهذا قبلَ السفرِ، فيقطعُ بمغفرةِ الذنوبِ، ثُمَّ عندَ إقلاعِهِ يركبُ السيارةَ وعليهَا العلمُ الأبيضُ يرفرفُ، والناسُ مِن خلفِهِ بالسياراتِ تزفُّهُ!، فلا بُدَّ أنْ تخرجَ وأنت تخلصُ النيةَ للهِ عزَّ وجلَّ قاصدًا بيتَ اللهِ وتدعُو اللهَ أنْ يقبلَ منكَ قالَ ﷺ: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ …» (البخاري) أي خالصًا لرضاه.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 24 مايو : ما علي الحاج قبل سفره

ثالثا: تحرِّي الحلالَ في المأكلِ والمشربِ ومصاريفِ الحجِّ:  

يجبُ على الحاجِّ أنْ يختارَ النفقةَ الطيبةَ لحجِّهِ؛ لأنَّ اللهَ طيبٌ لا يقبلُ إلّا طيبًا، وقد أمرَ الإسلامُ بضرورةِ طلبِ الحلالِ، فعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «طَلَبُ الْحَلَالِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» (الطبراني، وسنده حسن)، وقد قدَمَ لنَا الصحابةُ رضي اللهُ عنهم نماذجَ عديدةً، وأمثلةً فريدةً، فكانُوا يتركونَ بعضَ الحلالِ؛ حذرًا مِن الوقوعِ في الحرامِ.

إنّ تحرِّي أَكْلَ الحلالِ يجلبُ للإنسانِ خيرَيِ الدنيا والآخرةِ، فالحرامُ مهمَا كثُرَ فمآلُهُ إلى زوالٍ وبوارٍ، وما ربحهُ هذا إلّا جذوةٌ مِن لهيبٍ وقَبَسٍ مِن نارٍ، يتأججُ في بطنِهِ، قالَ ربُّنَا:﴿قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وهذا رجلْ استجمعَ مِن صفاتِ الذلِّ والمسكنةِ ما يدعُو إلى رثاءِ حالِهِ، وتقطعتْ بهِ السبلُ، واغبرتْ قدماهُ لكنَّهُ حِيلَ بينَ دعائِهِ والقبولِ بأكلِ الحرامِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:”أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ:﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾وَقَالَ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟” (مسلم) .

فعليكَ أخِي الحاج أنْ تنظرَ في حالِكَ ولتطبْ زادَكَ حتى تكونَ أهلًا للقبولِ وإلَّا كانَ حجُّكَ مردودًا، فعن أبي هريرةَ قال: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «إذا خرجَ الخارجُ حاجُّا بنفقةٍ طيبةٍ، ووضعَ رجلَهُ في الغرزِ، ونادَى: لبَّيكَ اللهُمَّ لبَّيكَ، ناداهُ منادٍ مِن السماءِ: لبّيكَ وسعدَيكَ، زادُكَ حلالٌ، وراحلتُكَ حلالٌ، وحجُّكَ مبرورٌ غيرُ مأزورٍ، وإذا خرجَ بالنفقةِ الخبيثةِ، فوضعَ رجلَهُ في الغرزِ، فنادَى: لبَّيْكَ، ناداهُ منادٍ مِن السماءِ: لا لبَّيكَ ولا سعدَيكَ، زادُكَ حرامٌ، ونفقتُكَ حرامٌ، وحجُّكَ غيرُ مبرورٍ»  (الطبراني، سنده ضعيف).

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة 24 مايو : ما علي الحاج قبل سفره

رابعا: أنْ يردَّ المظالمَ إلى أهلِهَا:

فيراجعُ الأوراقَ ويفتشُ في العلاقاتِ، فإذا أغضبَ هذا يصالحُهُ، وإذا أساءَ إلى هذا يستحلُّهُ، وإذا قذفَ عرضَ هذا يدعُو لهُ بالمغفرةِ، فالمظالمُ الماديةُ لا بُدَّ أنْ يردَّهَا أيضًا قبلَ رحيلِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» (البخاري) .

يقولُ الكرمانِي: (فإنْ قلتَ: ما التوفيقُ بينَهُ وبينَ قولِهِ تعالَى: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ قلتُ: لا تعارضَ بينهُمَا؛ لأنَّهُ إنَّما يعاقبُ بسببِ فعلِهِ وظلمِهِ، ولم يعاقبْ بغيرِ جنايةٍ منهُ؛ لأنَّهُ لمَّا توجهتْ عليه حقوقٌ للغرماءِ دُفعتْ إليهِم حسناتُهُ ولمَّا لم يبقَ منهَا بقيةٌ قوبلَ على حسبِ ما اقتضاهُ عدلُ اللهِ في عبادِهِ، فأخذُوهَا مِن سيئاتِهِ فعوقبَ بهَا) أ.ه.

وفضلُ الحجِّ الواردِ في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» (البخاري) حريٌّ بكلِّ مسلمٍ أنْ يحرصَ على حصولِ هذا الفضلِ العظيمِ كي يرجعَ وقد نقَّاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ مِن ذنوبِهِ، وصارَ كيومِ ولدتهُ أمُّهُ لكنْ هذا خارجٌ عنهُ ما يتعلقُ بحقوقِ العبادِ.

يقولُ الهرَويُّ: (اعلمْ أنَّ ظاهرَ الحديثِ يفيدُ غفرانَ الصغائرِ والكبائرِ السابقةِ لكنَّ الإجماعَ أنَّ المكفراتِ مختصةٌ بالصغائرِ عن السيئاتِ التي لا تكونُ متعلقةً بحقوقِ العبادِ مِن التبعاتِ فإنَّهُ يتوقفُ على إرضائِهِم مع أنَّ ما عدَا الشركِ تحتَ المشيئةِ وقد كتبتُ رسالةً مستقلةً في تحقيقِ هذه المسألةِ) أ.ه.

العنصر الخامس من خطبة الجمعة القادمة 24 مايو : ما علي الحاج قبل سفره

خامسا: أنْ يعزمَ على التوبةِ الصادقةِ:

لا أنْ يرحلً للحجِّ وهو يعزمُ على أنْ يعودَ للمعصيةِ بعدَ أنْ يعودَ، فقد سبقَ الإصرارُ على المعصيةِ الحجَّ، فلذلك عملُهُ حابطٌ؛ لأنَّ مِن شروطِ قبولِ التوبةِ: العزمُ على ألّا يعودَ إلى المعصيةِ أبدًا، فعليهِ أنْ يخلعَ عباءةَ الذنوبِ والمعاصِي، فإنْ كان مدخنًا تركَ التدخينَ وأقلعَ، ولا يصرُّ على معصيةِ ربِّهِ تعالَى.

سادسًا: يؤدِّي حقَّ عيالِهِ وأهلِهِ عليهِ: عن عبدِ اللهِ بنِ عمروٍ، سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «كفَى بالمرءِ إثمًا أنْ يضيعَ مَن يعُول» (سنن النسائي)، ومِن ثَمَّ اشترطَ الفقهاءُ للحاجِّ قبلَ رحيلِهِ أن يتركَ لأبنائِهِ ولزوجِهِ ما يقتاتونَ بهِ إلى أنْ يرجعَ، فلا يجوزُ أنْ يتركَهُم بدونِ إنفاقٍ، ولا يجوزُ أنْ يتركَهُم يسألونَ الناسَ، كذلك بالنسبةِ لأبيهِ وأُمّهِ عليهِ قبلَ أنْ يرحلَ أنْ يُقبِّلَ يدَ أبيهِ ويدَ أُمّهِ ويسألَهُمَا الدعاءَ لهُ، فإنَّ عدم رضَا الأبِّ أو الأمِّ عن الحاجِّ قبلَ رحيلِهِ يعرضُهُ لأنْ يحبطَ اللهُ عملَهُ.

سابعا: معرفةُ أحكامِ الحجِّ: ينبغِي للحاجِّ أنْ يتعلمَ ما يُشرعُ له في حجتِهِ وعمرتِهِ، ويتفقَهَ ويسألَ عَمَّا أُشكلَ عليهِ؛ ليقتدِي بالحبيبِ ﷺ الذي قال:«لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُم» (مسلم)، كثيرٌ يتهيئونَ ويتزودونَ ويستعدونَ بكلِّ شيءٍ إلّا أنَّ كثيرًا منهُم لا يتهيأُ لمعرفةِ المناسكِ وتعلمِهَا، فتجدهُ يهيئُ المالَ ويسألُ عن الطريقِ وعن الراحةِ وغيرِ ذلك لكنْ لا يعتنِي بجانبِ أحكامِ المناسكِ.

وعليه أيضًا أنْ يختارَ الرفقةَ الصالحةَ؛ ليكونَ على بصيرةٍ، ويكثرَ مِن الذكرِ والاستغفارِ، ودعاءِ اللهِ جلَّ وعلا خاصةً عندَ رُؤيةِ الكعبةِ، عَنْ أَبِي أُمَامةَعَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: ” تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ: عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ، وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ” (سنن البيهقي)، وأنْ يتضرعَ إليهِ ويتلوَ القرآنَ ويتدبرَ معانيه، ويحافظَ على الصلواتِ في الجماعةِ، ويحفظً لسانَهُ مِن كثرةِ القيلِ والقالِ، ويتحرزَ مِن الخوضِ فيمَا لا يعنيهِ، ويحذرَ مِن الإفراطِ في المزاحِ، ويصونَ لسانَهُ مِن الكذبِ، والغيبةِ، والنميمةِ، والسخريةِ بأصحابِهِ، وينبغِي لهُ بذلَ البِرِّ في أصحابِهِ، وكفَّ الأذَى عنهم، وأنْ يستحضرَ التواضعَ والبعدَ عن كلِّ أسبابِ الكبرياءِ، فإنَّ الحجَّ مبناهُ الأعظمُ على أنَّ الإنسانَ قد تجرّدَ مِن هذه الدنيا وزينتِهَا، ومِن الفوارقِ التي تفرقُ بينهُ وبينَ الآخرين، فأجدرُ بهِ أنْ يُراعي التواضعَ واللينَ مع حجاجِ بيتِ اللهِ الحرام؛ لأنَّهُ إذا ذلَّ للهِ سبحانَهُ وتعالى ينبغِي أنْ يلينَ لإخوانِهِ المؤمنين.

 فكلُّ ما سبقَ داخلٌ تحتَ قولِ اللهِ: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾، فاستحضارُ التقوَى مِن التوقِّي لكلِّ ما فيه معصيةٌ للهِ عزَّ وجلَّ أو كراهةٌ أو حرمةٌ، وكذلك الحرصُ على كلِّ ما فيهِ طاعةٌ وفضيلةٌ وأجرٌ.

العنصر الثامن من خطبة الجمعة القادمة 24 مايو : ما علي الحاج قبل سفره

ثامنا: الأخذُ بالأولوياتِ خاصةً فيمَا يتعلقُ بحاجةِ الفقراءِ والمحتاجين: يكررُ بعضُ المسلمينَ أداءَ الحجِّ كلَّ عامٍ، وهذا لا شيءَ فيه، ولا مانعَ منهُ شرعًا، لكنّنَا نحتاجُ أنْ نعِيَ فقهَ المقاصدِ، وفقهَ الأولوياتِ، ومراعاةَ الواقعِ كي نطبقَهُ في حياتِنَا، فالأولَى في تلك المسألةِ أنْ تُقدَّمَ مصالحُ وحاجاتُ الفقراءِ والمعدمين الذين هم في مسيسِ الحاجةِ إلى ما يؤويهِم، ويسدُّ رمقَهُم، وما يستعينونَ بهِ على قضاءِ حوائجِهِم الضروريةِ، وكذا المرضى الذين قد تتوقفُ حياتُهُم على رشفةِ دواءٍ أو تناولِ عقارٍ، وهذا الفهمُ يتفقُ مع القاعدةِ الأصوليةِ: «الحقوقُ والواجباتُ إذا تكاثرتْ وتزاحمتْ فى أموالِ المكلفين، تُقدَّمُ المصلحةُ العامةُ على الخاصةِ»، باللهِ عليكُم الذي يفعلُ ذلك وكأنَّهُ ما فَقِهَ وفَهِمَ حديثَ رسولِ اللهِ ﷺ: «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ»، وحديثَ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْ عَبْدٍ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَأَسْبَغَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ حَوَائِجِ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَتَبَرَّمَ، فَقَدْ عَرَّضَ تِلْكَ النِّعْمَةَ لِلزَّوَالِ»، فأنتَ يا مَن حججتَ مرةً واحدةُ سقطَ عنكَ الفرضُ فبادرْ بدفعِ زكاةِ مالِكَ كاملة، وساهِمْ في سدِّ حاجةِ الفقيرِ والمسكينِ الذي يعيشُ حولَكَ ثُمَّ إنْ أردتَ الحجَّ في كلِّ عامٍ فافعلْ ولا ملامةَ عليكَ.

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

 كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان

  د / محروس رمضان حفظي عبد العال       

 مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »